أنا: أيا نفسي، متى الرحيل، متى؟
النفس: أتقصدين رحيل من هنا أم من الدنيا؟
أنا: الآن أقصد الرحيل من هنآآ، والله أعلم متى يكون رحيلنا من هذهِ الدنيا.
النفس: ولمّ تريدين الرحيل؟، وما بالك ترينه أفضل، ولا تعلمين المكان الآخر الذي تقصدينه حتى؟!
أنا: أعلم أن هنالك قلة من الناس، فإن أخطؤا بحقي لن أشعر حتى بجراح توجعني وربما لإعتذارهم سأجد لذة الإخوة في الله، هنالك الأفراح تدوم لمدة أطول وقد أخلصنا في إبتسامتتنا تلك المرسومة على وجوهنا، وكانت قلوبنا تصفو أكثر بذكر الرحمن، وأما أحزاننا فتذكّرنا بفقر أحوالنا، فنركض لاجئين إلى الله، لا حاقدين على أحد، لا نزيدها يأساً، بوجود أمل مستمر لحبنا لله، وقد نجد في ذلك المكان ما نبحث عنه، فتستقر حياتنا أكثر، وفقط هناك قد نجد هذهِ الأمور كلها لنرتقي معا إلى جنان الله تعالى وأمانينا برؤية وجهه جلّ جلاله، أهنالك ما هو أعظم من ذلك؟.
أخبريني يا نفس، أتجدين هذا كله، بل ربما جزءا منه هنا في صخب الدنيا؟
النفس: لا
أنا: أتجدين الآخرين هنا يبادلونكِ الحياء الذي إنتقيتهِ؟
النفس: لا، لا!
أنا: أتشعرين حقا بأنك لؤلؤة مصونة هنا رغم نيّتك التي جهدت لأجل ذلك في عالم إمتلأت فيه المغريات؟
النفس: لا، ولكن هل لي بأنك أسألك أمرا ما؟
أنا: نعم، تفضلي يا نفسي،
النفس: أنى لكِ أن تتأكدي من وجود ما تحدثينني عنه؟ وهل هو حقا موجود؟!( وقد إعتلتها الحيرة ممزوجة بسخرية من النوع الخفيف)
أنا: يا نفسي، لستُ الوحيدة التي ترغب في الرحيل إلى هذا المكان الذي أكلمكِ عنه، كما أنني قد فكرتُ فيه!، فيّا نفسي كفاكِ خضوعا لحال الدنيا هذا، ومصارعة الضحكات مع الأحزان، وقد أيقنتُ أنا أنك لستِ بمنتصرة في معركتكِ هذهِ،
 أما آآن لكِ أن تعيشي وكلكِ لله، راحلة عن الدنيا رغم همومها المتعددة؟
النفس(وقد أجهشت في البكاء، وبصوت خافت أكاد لا أسمعه) : آوااه آآه أوااه، وااستحياه يا الله وإن عفوت، ماذا فعلت؟!
أنا: يا نفس، أما أيقنت أن الروح لا زالت تصاحبكِ بعد؟
النفس( وتخطف الكلمات بشدة) :نـ،ـعم،
أنا: إذا، إياكِ وانْ تيأسي، واعلمي أن الله غفور رحيم، وكما قال في القرآن الكريم: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً}، 
أترحلين معي يا نفس؟
النفس(وقد إسترجعت بعض حبيبات ثقتها): نعم، فمتى الرحيل؟
أنا: قريب، قريب جدا... .